Promoting Civil Society in Lebanon

انطوان مسرّه، ايرين لورفنغ، عبدو قاعي (اشراف)، تنمية المجتمع المدني في لبنان (منظومة قيم ومبادرة وتواصل وتدريب)، بيروت، المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم، بالتعاون مع مرسي كوربس انترناسيونال، توزيع المكتبة الشرقية، 2000، 752 ص.

يجمع الكتاب الصادر حديثًا عن المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، بالتعاون مع مرسي كوربس انترناسيونال، وقائع بحث جماعي وثلاث ندوات وحلقات تدريب عقدت في السنوات 1997-1999 حول المجتمع المدني في لبنان في مؤشراته ومبادراته وتواصل مؤسساته. في الكتاب أبحاث ومداخلات اكثر من اربعين من الجامعيين والفاعلين في اكثر من ستين مؤسسة مدنية (اشراف انطوان مسرّه، ايرين لورفنغ، عبدو قاعي، تنمية المجتمع المدني في لبنان ، المكتبة الشرقية، 752 ص،
2000 ص).

يقول منسق الأبحاث الدكتور انطوان في المقدمة: "برز المجتمع الأهلي اللبناني وانتشر في كل المناطق وعلى مستوى جميع الطبقات والطوائف بفعل عوامل عديدة أهمها التنوع الديني والمذهبي في لبنان، والنظام السياسي الائتلافي الناتج عن هذه التركيبة، والنظام الليبرالي تجاه الجمعيات، والتجربة المؤلمة خلال الحرب من 1975 الى 1990. المجتمع المدني هو مجموعة التنظيمات الاجتماعية الطوعية التي لا ترتبط بالجهاز الحكومي. وتنطوي كلمة مدني على قيم مدنية أو مواطنية، أبرزها الانتساب الحر، ونظام داخلي يعتمد الديمقراطية والمشاركة في أعمال ذات مصلحة عامة، وقيام التنظيمات بمراقبة وضبط ادارة الشأن العام عبر الاجتماعات، والمواقف، والمشاريع، والبرامج، ومختلف وسائل الاعلام والضغط. هناك تاليًا معيار مزدوج ينبغي توافره في التنظيم ليشكل جزءًا من المجتمع المدني: الاستقلالية عن الجهاز الحكومي والعمل على تنمية قيم مدنية. تطور في البلدان العربية نظام الوقف لصالح هيئات دينية، وهذا ما سمح لهيئات دينية باستمرارية مشاريعها. في بلدان متطورة تخصص اعفاءات ضريبية تشجيعًا للتبرع والموقف لصالح جمعيات اما في البلدان العربية فتعاني الجمعيات ظرفية تمويلها وتغيب عن الوجود بعد غياب مؤسسها أو مؤسسيها، ليس بسبب فقدان الروح المؤسسية في الجمعية، بل غالبًا بسبب فقدان القاعدة التي تسمح لها بالثبات والاستمرار. ان تشجيع الوقف المدني لصالح جمعيات عربية تحمل مشروعًا للمستقبل هو من أبرز الشروط لحيوية المجتمع المدني العربي واستمراريته".

قيم ومبادرات وتمكين

في الباب الاول: "قيم ومؤشرات وأهداف وتطبيق" عرض لإشكاليات المجتمع الأهلي وتحقيق اجتماعي وتوثيق ودراسة حالات. شارك في هذا القسم اكثر من 14 مؤلفًا (ايرين لورفنغ، عبدو قاعي، واصف الحركه، زهير حطب...). يستخلص من الدراسة التوثيقية والتحليلية أهمية النوادي والروابط في لبنان التي يمكن ان تطرح قضايا سياسية بمعنى إدارة الشأن العام، خارج إطار نزاعات السياسيين.

في الباب الثاني: "صياغة مشاريع وتمكين ومبادرات" عشرون تحقيقًا ميدانيًا حول مبادرات في المشاركة والتنمية (الدفاع عن الحريات، فرز النفايات، تفعيل مجالس الأهل، تحسين بيئة العيش...). الهدف من رصدها شرح مفهوم التمكين Empowerment في الأدبيات الحديثة في التنمية من خلال أمثلة عملية وتطبيقية، معيوشة ونموذجية. من أبرز الشروط لصياغة مشاريع حسب قول عبدو قاعي وايرين لورفنغ تحقق الاحترام الذاتي لكل مشارك والاندماج في المجال العام".

يستخلص من التحليل نمط متجدد في البحث العلمي يمكن ايجازه بالملاحظة التالية لإحدى المشاركات: "في قريتي نسبة المتعلمين عالية ونسبة الزبالة في القرية عالية أكثر!" يعني هذا القول ضرورة الترابط والتفاعل بين المعرفة والمجتمع في مختلف البرامج التعليمية والجامعية والبحثية، ليس فقط لترسيخ قيم وممارسات المجتمع المدني، بل دخولاً في المواطنية والتنمية والتحضر. ويستخلص أيضًا ان الأهمية لا تكمن في صياغة مشاريع بل في مدنية المشاريع.

الجميعات والإعلام: تقنيات وتواصل

في الباب الثالث أبحاث ميدانية ووقائع حلقة تدريب بعنوان: "التواصل بين الجمعيات الأهلية والاعلام"، بمشاركة إعلاميين وعاملين ميدانيين وجامعيين. أكثر من ستين جمعية شاركت في ورشة العمل فضلاً عن 24 وسيلة اعلامية (صحافة مكتوبة، تلفزيون، واذاعة) ومعظم المشاركين من الجيل الشاب.

في الباب الثالث أبحاث ميدانية ووقائع حلقة تدريب بعنوان: "التواصل بين الجمعيات الأهلية والاعلام"، بمشاركة إعلاميين وعاملين ميدانيين وجامعيين. أكثر من ستين جمعية شاركت في ورشة العمل فضلاً عن 24 وسيلة إعلامية (صحافة مكتوبة، تلفزيون، وإذاعة) ومعظم المشاركين من الجيل الشاب.

تحت عنوان: "الجمعيات والإعلام: كيف ندافع عن قضيتنا" يقول رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للنهار جبران تويني، الذي ترأس أحد جلسات ورشة العمل: "بعض السياسيين لا يضيعون فرصة دون لومنا لعدم تغطية نشاطاتهم. قيل ان الاعلام الذي يغطي الأحداث والتصاريح السياسية يشعل الفتن، في حين ان تصاريح السياسيين هي التي تصب الزيت على النار. وسائل الإعلام لم تملك يومًا أسلحة حرب ولم تقم الحواجز الطيارة ولم تخطف الناس. في العالم اهتمامات أخرى غير السياسة السياسية، إلا ان لبنان لم يصل الى هذه الحالة بعد. خلقنا في النهار الملاحق. كل يوم يتوجه ملحق النهار الى شريحة معينة من القراء: ملحق الثقافة لمن يهتم بالثقافة. ونهار الشباب يقوم بالدور الأساسي لتغطية أو تنشيط أو خلق الحماسة لدى الشباب ليشاركوا في المؤسسات الاجتماعية المدنية. ربما يجب ان نضع ملحقًا مختصًا بالجمعيات. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضًا ان لهذه الجمعيات تخصصات متعددة: البيئة، التربية، الأمور الاجتماعية... ولدى بعض الصحافيين نقص حقيقي على مستوى المعلومات العامة وتقنية كتابة الموضوع وكيفية تناوله. أما في التلفزيون فيكفي ان يظهر أحدهم على الشاشة مع مساحيق التجميل، حتى يظن نفسه صحافيًا عظيمًا. وانتقلت العدوى الى الصحافيين في المجال المكتوب. في النهار خلقنا صفحة البيئة والتراث. فكنا أول من طرح مشاكل الكسارات والتلوث. وقد القينا الضوء على قضية تلوث مياه طرابلس قبل ان تطرحها المؤسسة الأهلية".

وتقول جنان ملاط: "ليس مطلوبًا من المنظمات غير الحكومية استغلال وسائل الإعلام، ولا ان تنتفع هذه الوسائل من تلك المنظمات. فالمنفعة تذهب لصالح فريق ثالث: خدمة قضية الناس، وتكوين منبر للفكر والعمل، لأن الناس هم في أساس تشكيل الجميعات". وفي الكتاب تشديد على ان الصحافة هي جزء مكمل للمجتمع الأهلي، ووسائل الإعلام تقوم بوظيفة مدنية.

يفيد الكتاب المخططين والباحثين والعاملين في الجمعيات ومنظمي دورات تدريبية في سبيل التنمية البشرية المستدامة وكذلك المربين في برامج التربية المدنية.

ورد في تقديم الكتاب هذا القول لأحد المنشقين السوفيات والنائب في مجلس الدوما، سرجاي كوفاليف: "المجتمع المدني هو المجتمع الذي يعرف انه ليس هنا للدولة بل الدولة هي للمجتمع".